نصيحة وبيان الإسلام وأحداث الشغب

 

نصيحة وبيان
الإسلام وأحداث الشغب

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وليُّ الصالحين وأشهدُ أنَّ محمد عبده ورسوله مَنْ أرسله ربُّه رحمة للعالمين اللهم صلي وسلم وزد وبارك عليه وعلى آل بيته الطاهرين وصحبه الغر الميامين ومَنْ تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أمّا بعد:
فلقد علمت بما حدث مؤخراً بمدينة "بون" بألمانيا من إشتباك بعض الشباب المسلم مع رجال الأمن والقيام بأعمال شغب وإعتداء على رجال الأمن ومركباتهم ورأيت ذلك عبر وسائل الإعلام المرئية ولقد ساءني ما سمعت وما رأيت كثيراً مما دفعني إلي كتابة هذه النصيحة أنطلاقاً من قول رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم- فيما خرّجه الإمام مسلم من حديث تميم بن أوسٍ الداري ـ رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- : "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة ثلاثاً قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ]أخرجة مسلمفمن النصيحة لعامة المسلمن إرشادهم إلى مصالحهم وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم وتعليم جاهلهم وتذكير غافلهم وإسداء النصح لهم وستر عوراتهم وسدّ خلاتهم ومجانبة الغش لهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وهذا واجب شرعي وميثاق أخذه الله على أهل العلم قال تعالي: "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيِّنُّنه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون" ]آل عمران:187 فالآية تذم كل من كتم العِلم عن الناس واشترى به عرض الدنيا لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم- فيما صح عنه كما جاء عند الإمام أحمد أنَّ رسول الله - صلي الله عليه وسلم- قال: "من سُئل عن علم فكتمه أُلجم بلجام من نار يوم القيامة" ]أخرجة أحمدوعن الحسن قال:لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العِلم ما حدثتكم بكثير مما تسألون عنه .
فعلى أهل العلم تعليم الناس الخير وعدم الكتمان لذا أقول:
أن ما حدث في مدينة بون مؤخراً من شغب وفوضى يرفضه الإسلام ولا يُقره فإن المطالبة بالحقوق تكون بالوسائل المشروعة دون فساد أو إفساد ودون شغب أو اعتداء قال الله تعالي: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون"] سورة الأعراف:33[
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله-  في تفسير قوله :"والإثم والبغي بغير الحق" قال السدى: أمّا الإثم فالمعصية والبغى أن تبغي على الناس بغير الحق. وقال مجاهد: الإثم المعاصي كلها وأخبر أن الباغي بغيه على نفسه وحاصل مافُسر به الإثم أنَّه الخطايا المتعلقة بالفعل نفسه والبغي هو التعدي إلى الناس" وقد قال الإمام المنذري ـ رحمه الله- ]الترغيب في السماحة في البيع والشراء وحسن التقاضي والقضاء[، : روى البخاري وابن ماجة عن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم- قال: "رحم الله عبداً سمحاً إذا باع سمحا إذا إشترى سمحاً إذا اقتضى" أي: سهلاً إذا كان قاضياً أي: يقضى بالحقِّ وأمين في الأمانات والودائع وحقوق الناس، قال: ومقتضياً:يعني مطالباً بحقة أي سهلاً عند المطالبة بالحق يتبع تعاليم الشريعة الغرّاء التى تأمر بالعدل والسماحة قال تعالى: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" ]فصلت: 34[
معنى الآية كما جاء في التفاسير: أي لا يستوي الصبر والغضب والحِلم والجهل والعفو والإساءة " ادفع بالتي هي أحسن" قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أمر الصبر عند الغضب وبالحِلم عند الجهل وبالعفو عند الإساءة " فإذا الذي بينك وبينه عداوة" يعني: إذا فعلت ذلك خضع لك عدوك وصار الذي بينك وبينه عداوة " كأنه ولي حميم " كالصديق والقريب فعلى كل مسلم أن يتقي الله تعالى وأن تكون أقواله وأفعاله منضبطة بشرع الله تعالى ، بكتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمن دخل دولة غربية بعهد أمان ـ التأشيرةـ فعليه أن يكون قدوة للخير ونشر الأمن واحترام أنظمة هذه الدول في حدود الشرع وأن يتجنب الإعتداء أو الفساد والإفساد بل يكون كالغيث أينما وقع نفع وإن كان له حق فليطلب حقَّه بالطرق المشروعة دون فساد أو إفساد فرجال الأمن واجب علينا أن نساعدهم في حفظ الأمن والأمان وتحقيق العدل لا أن نعتدي عليهم أو نسئ إليهم فهذه الأفعال تخالف شريعة الله عزوجل فنحن نعتذر إلى الله عزوجل عما فعل هؤلاء الشباب من مخالفات والسبب في ذلك عدم تحصيلهم للعلم النافع وعدم مزاحمتهم للعلماء العاملين بالركب لتحصيل العلم من مصادره الشرعية بل إنَّ معظمهم ـ وللأسف ـ اتخذ من الشيخ انترنت والشيخ جوجل علماء يحصِّلون العِلم عليهم ولم يسلكوا الوسائل الشرعية لطلب العلم عن طريق المشافهة والتعلم على يد العلماء العاملين المشهود لهم بالعلم وغرر البعض بهم فبدَّعوا معظم أهل العلم ولم يسمعوا لهم وعكفوا على الصحُف والمواقع العنكبوتية وأخذوا علمهم عن الكتب والصحف وقد حذَّر أهل العلم من "الصحفية" الذين يأخذون العِلم عن الصحف دون تحصيل مفاتيح العلم على يد العلماء وقال بعضهم: من كان شيخه كتابه فخطأُه أكثر من صوابه. وقال أخر: من كان شيخه الكتاب لم يتعلم الأحكام .
فعلى الشباب أن يحصِّلوا العلم على يد العلماء وأن يستغفروا الله تعالى ويتوبوا إليه من كل خطأ أو زلل فالإسلام يرفض الشغب والعنف ويدعو إلى التسامح والعدل.
لعل نصيحتي أن تجد محلاً من القلب وأن يكون حظنا منها القبول والعمل لا مجرد القراءة .
فأسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا كلها صالحة وأن يجعلها لوجهه خالصة وأن لا يجعل لأحدٍ فيها شيئاً.
هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده وما كان من خطأٍ أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .
 
 
 
 
كتبه
أبو أحمد سيد عبد العاطي بن محمد
غفر الله له ولوالديْه ولزوجه وولده وللمسلمين والمسلمات