الحجُّ أشهر معلومات 3

الحجُّ أشهر معلومات (3)

 

الحمد لله الذي شرع الشرائع وسنَّ الأحكام ، وفرض على العباد أركان الإسلام وجعل منها حج بيته الحرام وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العلام وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وحجَّ وصام

صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.

أما بعد:

فمع الحلقة الثالثة بين يديْ رحلة الحجِّ المباركة وموضوعها المواقيت الزمانية والمكانية للحجِّ والعمرة مع استفسارات حول تلك المواقيت فأقول وبالله التوفيق:

 

أولاً: المواقيت الزمانية والمكانية للحجّ والعمرة:

المواقيت:

 جمع ميقات وهو موضع العبادة وزمانها والمقصود ما حدد الشارع للإحرام من المكان والزمان. { راجع رسالة 200 سؤال في الحج والعمرة للدكتور أحمد بن عبد العزيز الحصين ص: 25}

•• والمواقيت نوعان:

ـ النوع الأول: مواقيت زمانية للحج وهي: شوال وذو القَعدة وذو الحجة لقوله تعالى: " الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَات " { البقرة: 197}

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ : أشهر الحجُّ شوّال ، ذو القَعْدَةِ وذو الحَجَّة كُلَّهُ وهو مذهب مالك وهو الأقرب للصحة.

أمّا العُمرة فلا تختص بوقت فميقاتها الزماني العام كله يحرم بها المعتمر متى شاء لا تختص بوقت.

ـ النوع الثاني: المواقيت المكانية وهي خمسة بتوقيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: " وَقَّتَ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهلِ المدينةِ ذا الحُليفَة ولأهل الشَّام الجُحْفَةَ ولأهل نجدٍ قَرْنَ المنازِلِ ولأهلِ اليمنِ يَلَمْلَمَ فهُنَّ لهُنَّ ولِمَنْ أتى عليهِنّ من غيرَ أهلِهنّ لمن كان يريدُ الحجَّ والعُمرة فمن كان دُونَهُنَّ فمُهَلَّهُ من أهَلِهِ وكذلك حتى أهل مكَّة يُهِلُّون منها" { رواه البخاري ومسلم }

وعن جابر بن عبدالله ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: " مُهَلُّ أهلِ المدينة من ذي الحُليفَةِ والطريق الآخرُ الجُحفَة ُومُهَلُّ أهل العِراقِ من ذاتِ عِرْقٍ ُومُهَلُّ أهلِ نَجْدٍ مِنْ قرنٍ ُومُهَلُّ أهل اليمن من يَلَمْلَم " { رواه مسلم }

ونفصل هذه المواقيت على النحو الآتي:

1. ذو الحُليفة:

وهي لأهل المدينة النبوية ومَنْ أتى على طريقهم والمسافة بينهما وبين المسجد النبوي (19) كيلو متر، وبينها وبين مكة (420) كيلو متر.

• تنبيه:

يسميها العامَّة " آبيار علي " لظنّهم أنَّ علياً ـ رضي الله عنه ـ قاتلِ الجنَّ بها وهذا كذب فإنّ الجنّ لم يقاتلهم أحدٌ من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ { انظر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ 26⁄99}

2. الجُحفة:

وهي قرية خراب والناس يحرمون اليوم من رابغ لأنها قبل الجُحفة بيسير وتبعد عن مكة (186) كيلو متر.

ويحرم منها أهل شمال السعودية وبلدان أفريقيا الشمالية والغربية وأهل لبنان وسوريا والأردن وفلسطين ومَنْ مرّ عليها من غيرهم.

3. قرن المنازل أو قرن الثعالب:

ويسمى السيل الكبير وتبعد عن مكة (78) كيلو متر وهو ميقات أهل نجدٍ وحجاج الشرق كُلِّه: من أهل الخليج والعراق وإيران ومَنْ مَرَّ عليه من غيرهم.

4. يَلَمْلَم:

تعرف الآن بالسعدية ويَلَمْلَم واد ينحدر من جبال السروات إلى تهامة ثم يصب من البحر الأحمر وتبعد عن مكة (120) كيلو متر.

وهي لأهل اليمن ومَنْ مرَّ عليها من غيرهم.

5. ذات عرق:

وهو ميقات أهل العراق وأهل المشرق قاطبة ويقع عن مكة شرقا ً بمسافة (100) كيلو متر.

قالت أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : " أنّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقَّتَ لأهل العراق ذاتَ عرق" {أخرجه أبو داود والنسائي}

• تنبيه:

قد يُقال كيف يوقِّت الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل العراق ميقاتا ً ولم تكن العراق فتحت إلاّ في خلافة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ؟

الجواب: أنّ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يضع لأهلها ميقاتا ً ولم يسلموا بعد أليس هذا يدل على أن القرآن من لدن حكيم خبير!!

وهذا الميقات مهجور لأنه لعدم وجود الطرق عليها وحجاج المشرق الذين يأتون عن طريق البر يحرمون من السيل أو ذي الحُليفة.

 

ثانياً: استفسارات وتساؤلات حول المواقيت:

السؤال الأول:

هل يجوز تجاوز هذه المواقيت بغير إحرام لمن أراد الحجَّ والعمرة؟

. الجواب: يحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحران إذا كان قاصدا ً مكة يريد حجاً أوعمرة سواء كان مروره عن طريق البر أو البحر أو الجو.

إما إذا أراد التجارة أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره أو زيارة لأقربائه أوغيرهم ونحو ذلك فليس عليه إحرام إلا إذا رغب في ذلك.

 

• السؤال الثاني:

ما الحكم إذا تجاوز الميقات بدون إحرام من أراد الحجَّ أو العمرة ؟

. الجواب: إذا تجاوز الميقات من أراد الحجَّ أو العمرة أن يعود إلى ميقاته ليُحرم منه وإن لم يعد يلزمه دماً وهو ذبح شاة لتركه واجباً من واجبات الحج لقول عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : " من نسى نسكه أو تركه فيهرق دماً " { الموطأ ص: 419 ، البيهقي 5 ⁄ 152}

 

• السؤال الثالث:

وإذا لم يمر بالمواقيت أو المكان المحدد ؟

. الجواب: يحرم إذا علم أنَّه حاذى الميقات لقول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : " انظروا إلى حذوها من قديد " { البخاري }

 

• السؤال الرابع:

وإذا كان الحجاج ليس لهم ميقات ولا محاذاة لميقات كيف يحرمون ؟

. الجواب: يحرمون من أقرب المواقيت إلى بلدهم أو إلى مكة.

 

• السؤال الخامس:

وإذا كانت قريته أو مدينته كأهل "جدة" أو غيرها دون هذه المواقيت ؟

. الجواب: في هذه الحالة يحرم من محله أو من منزله.

 

• السؤال السادس:

أهل مكة من أين يحرمون ؟

. الجواب: يحرم أهل مكة ويلبون من مكانهم سواء داخل الحرم أو خارج الحرم.

إما إذا أراد العمرة فإنه يخرج إلى الحِل: التنعيم أو الجعرانة أو غيرها إذا كان أراد العمرة فإنَّ السنة بل الواجب أن يخرج إلى الحِل كما أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ لما أرادت العمرة أن تخرج إلى التنعيم وأمر عبد الرحمن آخاها أن يخرج بها إلى الحِل من الحرم يعني إلى التنعيم أو غيرها.

 

• السؤال السابع:

إذا كان الحاجُّ أو المعتمر في الطائرة فكيف يحرم إذا مرَّ على هذه المواقيت ؟

. الجواب: إذا كان يريد الحجَّ أو العمرة وهو في الطائرة فينبغي له أن يتنظف ويغتسل في بيته ثم إذا حاذى الميقات لبس ثياب الإحرام ونوى النسك ويجوز لبس الإحرام قبل صعوده الطائرة فإذا حاذى الميقات نوى النسك.

 

• السؤال الثامن:

ما الحكم إذا وصلت المرأة إلى الميقات وهي حائض ؟ وإذا مرت عليها ؟

. الجواب: إذا وصلت المرأة وهي حائض فعليها أن تغتسل وتحرم وتفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت فلا يجوز لها أن تطوف حتى تطهر وتغتسل.

أما إذا مرت بالميقات وهي تريد الحجَّ أو العمرة وهي حائض ولم تحرم فعليها دم لأنها تركت واجباً. كما أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ :

" لما حاضت وقد أحرمت بعمرة أن تغتسل وتحرم بالحج وتفعل ما يفعل الحاجُّ غير الطواف بالبيت " {مسلم: 2⁄870 ـ 887   والنسائي: 5⁄165}

"راجع رسالة 200 سؤال في الحج والعمرة  ص: 28 وما بعدها"

وللحديث بقية إن كان في العمر بقية اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شرٍّ أحاط به علمك في الدنيا والآخرة.

 

كتبه

أبو أحمد سيد عبد العاطي بن محمد الذهبي

  غفر الله له ولوالديّه ولزوجه ولولده وللمسلمين والمسلمات