الحجُّ أشهر معلومات 5

الحجُّ أشهر معلومات (5)

صفة الحجُّ

الحمد لله الذي شرع الشرائع وسنَّ الأحكام ، وفرض على العباد أركان الإسلام وجعل منها حج بيته الحرام وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العلّام وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وحجَّ وصام

صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه البررة الكرام .

أما بعد :

فمع الحلقة الخامسة من هذه السلسلة المباركة الموسومة ب " الحج أشهر معلومات " و حلقة اليوم بعنوان " صفة الحجَّ " فأقول وبالله التوفيق:

ا علم أخي ـ أرشدك الله تعالى لما يحبه و يرضاه من الأقوال و الأعمال سائر الأحوال ـ أن للحجِّ أركاناً و وجباتٍ و سننأ على النحو الآتي:

•• أركان الحجِّ :

للحجِّ خمسة أركان هي :

1- النيَّة ُومحلُّها القلب والتلفظ بها بدعة.

2- الدُّخُول في النُّسك وهو الإحرام.

3- الوقوف بعرفة.

4- طواف الإفاضة.

5- السعي بين الصفا والمروة.

يقول ابن خزيمة ـ رحمه الله تعالى ـ :" إنَّ المبيت بمزدلفة ركنٌ من أركان الحجِّ فمن تركه فلا حج له ".

قال العلامة الألباني ـ رحمه الله تعالى ـ :" احذر يا أخي أن تدع البيات في المزدلفة ليلة النَّحر فذلك من هدي نبيِّك ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا سِيَمَا والبيات في المزدلفة حتى الصُّبح ركن من أركان الحجِّ على الراحج من أقوال أهل العلم " } راجع: مختصر مناسك الحج والعمرة للشيخ: عبد القادر بن محمد بن أحمد شوكة ص :82 {

فالبيات بمزدلفة خلاف بين أهل العلم وقد علمت الراحج من أقوالهم فاحرص على البيات بالمزدلفة ليلة النَّحر وقد رخص النبي لكبار السن والنساء أن ينفرن بليل أي بعد نصف الليل للحاجة والضرورة والله أعلم.

•• واجبات الحجِّ :

واجبات الحجِّ سبعة وهي :

1- الإحرام من الميقات إلاّ مَنْ كان دون الميقات فيحرم من مكانه.

2- الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس.

3- المبيت بمزدلفة إلى قبيل طلوع الشمس إلاّ لمن له عذرٌ فينطلق بعد منتصف الليل لا قبله.

4- المبيت بِمِنىً ليالى أيام التشريق: يوم العيد ويومان بعده (لمن تعجل) ويوم العيد وثلاثة أيام بعده لمن أتم.

5- رمي الجمار الثلاث: الصغرى والوسطى والكبرى.

6- الحلق أو التقصير و الحلق أفضل للرجال فالنساء ليس عليهن حلق، ولكن عليهن التقصيرتأخذ من أطراف شعرها بمقدار أنملة ـ والأنملة رأس الأصبع ـ.

7- طواف الوداع وليس على الحائض وداع.

•• سنن الحجِّ :

1- الإغتسال عند الإحرام.

2- التطيُّبُ قبل الإحرام للبدن دون لباس الإحرام للرجال وأمَّا النساء فطيبُهُن مالا رائحة له.

3- الإحرام في ثوبيْن أبيضيْن للرجال.

4- التلبية ورفع الصوت بها للرجال أما المرأة تخفض صوتها بحيث تسمع مَنْ بجوارها من أخواتها.

5- الاشتراط للمريض: " اللهم إن حبستني فمحلي حيث حبستني".

6- الإنطلاقُ إلى مِنىً بعد طلوع شمس يوم التروية.

7- صلاة خمسة أوقات بِمِنىً وقصر الرباعية دُون جمع.

8- التوجه إلى عرفة بعدَ طلوع الشمس في اليوم التاسع من ذي الحَجَّة.

9- صلاة الظهر والعصر بعرفات جمعاً وقصراً (جمع تقديم).

10- الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة جمعاً وقصراً (جمع تأخير).

11- الخروج من مزدلفة بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس ليوم العيد.

12- الإسراع عند بطن مُحَسِّرٍ .

13- التكبير مع كل حصاة عند رمي جمرة العقبة يوم النحر ويقول:" الله أكبر".

14- الرمي ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة (إذا تيسر ذلك) والسعي بين الصفا والمروة للمتمتع والمفرد.

15- النحر في مِنى أو مكة.

16- الأكل من الهدي والتزود منه إلى البلد.

17- الحلق أفضل من التقصير للرجال.

18- قال العلَّامة الألباني ـ رحمه الله ـ :" ويُشرع له أن يزور الكعبة ويطوفَ بها كُلُّ ليلةٍ من ليالي منىً لأنَّ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعل ذلك" {انظر مناسك الحج والعمرة ص:41}

19- الدُّعاء ورفع اليديْن بعد رمي كُلٍّ من الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق كما فعل النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .

20- المُكث في مِنىً أيام التشريق الثلاثة بعد العيد لقول الله تعالى: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى". {البقرة:203}

21- الصلاة في مسجد الخِيف إنْ أمكن وهو في منى، فعن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " صلى في مسجد الخِيف سبعون نبياً، منهم موسى ـ عليه السلام ـ كأني أنظر إليه وعليه عباءتان قُطْوَ ايِنَتَان وهو مُحرمٌ على بَعِيرٍ من أزْد شَنُوءَةِ مَخطُوم بِخُطام لِيفٍ له ضفَيرتانِ" {قال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ رواه الطبراني وغيره حسن. انظر السلسلة الصحيحة رقم:2023}

{ ومسجد الخِيف بمنى أمام الجمرة الصغرى }

•• تنبيه :

قال العلَّامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:

أولاً: من ترك رُكنا لم يتم حجَّه إلا به.

ثانياً: من ترك واجباً فعليه فدية ٌيذبَحُها في مكة ويُفرِّقها على مساكين الحرم ولا يأكل منها شيئاً.

ثالثاً: ومن ترك سنة من سنن الحج المذكورة فلا شئ عليه.

•• الخلاصة:

إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحَجَّة أحرم بالحج ضحى من مكانه الذي أراد الحجَّ منه ويغتسل ويتطيب للبدن دون ملابس الإحرام وينوي الإحرام بالحجّ ويلبي فيقول:" لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك" وفي النية يقول:" لبيك حجاً " وللمريض أن يشترط فيقول:" إن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني " وإن لم يكن معذورًا لم يشترط.

ثم يخرج إلى "منى" فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً من غير جمع لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقصر في منى ولا يجمع والقصر هو جعل الصلاة الرباعية ركعتين ويقصر أهل مكة وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولوكان واجباً عليهم لأمرهم به عام الفتح .

فإذا طلعت الشمس يوم عرفة وهو التاسع من ذي الحجَّة سار من "منى" إلى عرفة فنزل بعرفات إلى الزوال فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليطول وقت الوقوف والدعاء ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عزوجل ويدعو بما أحب رافعاً يديْه مستقبلاً القبلة وكان أكثر دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم عرفة:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير"

فإذا غربت الشمس سار إلى "مزدلفة " فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعًا في وقت العشاء (جمع تأخير) مع قصر العشاء ركعتيْن فإن كان يخشى ألا يصل إلى مزدلفة إلّا بعد نصف الليل فإنه يصلي في الطريق إلى مزدلفة ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد نصف الليل.

و يبيت بمزدلفة ولا يحيي ليله بالقيام وأمّا الوتر فالصحيح أنه يصليه لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان لا يتركه سفراً ولا حضراً.

فإذا تبين الفجر صلى الفجر مبكراً بأذآن وإقامة ثم قصد المشعر الحرام فوحّد الله وكبره ودعا بما أحب حتى يسفر جداً وإن لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام ـ وهوالمسجد الكبير بمزدلفة ـ دعا في مكانه لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "وقفت ها هنا وجَمْع كلها موقف" وسُميت مزدلفة بجَمْع لأن الناس يجتمعون بها ليلة النحر، ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلاً الكعبة رافعاً يديْه فإذا أسفر جداً دفع قبل أن تطلع الشمس إلى "مِنى" ويسرع (في وادي مُحَسِّر) فإذا وصل إلى "منى" رمي جمر العقبة الكبرى وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر أو الحمصة الكبيرة تقريباً يُكبر مع كل حصاة ..فإذا فرغ ذبح هديه .. ثم حلق رأسه إن كان ذكراً فأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق .. ثم ينزل إلى مكة فيطوف حول البيت سبعاً وهو طواف الحج أو الإفاضة أو الركن أو الزيارة وكلها مسميات لمسمى واحد ثم يسعى سعي الحج بين الصفا والمروة سبعاً ، ويستحب الإغتسال عند نزول مكة للطواف والسعي مع التطيب لأنه برمي جمرة العقبة الكبرى والذبح يوم النحر يكون قد تحلل التحلل الأول فيجوز له كل شئ كان محظوراً إلا النساء وبعد طواف الإفاضة يذهب إلى زمزم ليشرب منه ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى مِنى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس في اليومين والأفضل أن يذهب للرمي ماشياً وإن ركب فلا بأس فيرمي الجمرة الأولى (الصغرى) وهي أبعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد "الخِيف" بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى ويكبر مع كل حصاة ثم يتقدم قليلاً ويدعو دعاء طويلاً بما أحبَّ فإن شقَّ عليه أو على غيره طول القيام والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلاً ليحصل السُّنة ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات ويكبر مع كل حصاة ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديْه ويدعو دعاءً طويلاً إن تيسرعليه وإلا بقدر ما تيسر ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنّه سُنَّة وكثير من الناس يهمله إمّا جهلاً أو تهاوناً ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات ويكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدع بعدها.

وفي اليوم الثاني عشر يفعل ما فعله في اليوم الحادي عشر من رمي الثلاث جمرات: الصغرى والوسطى والكبرى كل جمرة بسبع حصيات متعاقبات بنفس صفة الرمي السابقة فإن أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل بمنى وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق والتأخر أفضل ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر من ذي الحجَّة وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر حتى رمي الجمار الثلاث بعد الزوال، لكن لو غربت عليه شمس اليوم الثاني عشر بغير اختيار مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب الزحام ونحوه فلا يلزمه الرجوع لأن تأخره إلى الغروب بغير اختياره فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده أو إلى غيره لم يخرج حتى يطوف للوداع لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:" لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت " وفي رواية: " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلّا أنه خفف عن الحائض" فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويجعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر.

مسألة (1):

فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة أو تحميل أمتعته أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه ولا يعيد الطواف إلا أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع ثم يؤجل السفر إلى آخر النهار مثلاً فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت.

مسألة (2):

يجوز للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع ولكن بشرط أن ينويهما أو أن تكون النية لطواف الإفاضة.

مسألة (3):

السُّنَّة في رمي جمرة العقبة يوم النحر "ضحى" وتجوز للضعفاء ومن معهم بعد غياب القمر أو تأخيره إلى المساء وأمَّا رمي الجمار في أيام التشريق فيبدأ من بعد الزوال إلى غروب الشمس ويجوز الرمي ليلاً على الصحيح من كلام العلماء مع وجود المشقة وهو اختيار العلامة محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ { راجع رسالة: كيف تحج ؟ للشيخ عبد الله المعيدي الشمري ـ حفظه الله تعالى ـ }

وإلى حلقة قادمة إن قُدر البقاء وكان اللقاء.

اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شرٍّ أحاط به علمك في الدنيا والآخرة.

كتبه

أبو أحمد سيد عبد العاطي بن محمد الذهبي

غفر الله له ولوالديّه ولزوجه ولولده وللمسلمين والمسلمات