ذكريات الحجّ 2 ـ التضحية و الفداء

ذكريات الحجّ 2
التضحية و الفداء
 
 
 
الحمد لله و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنّ محمدا عبده و رسوله.
ثمّ أمّا بعد,
اعلم أخي رعاك الله أنّه بعد أن بلغ إسماعيل السعي رأى خليل الرحمان في الرؤيا أنّه يذبح ولده الوحيد و من المعلوم أنّ رؤيا الأنبياء حقّ فماذا فعل الخليل عليه السلام؟
ذهب إلى ولده إسماعيل و عرض عليه الأمر كما يحكي القرآن الكريم:
"فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ" [الصافات 102]
مشهد عجيب فيه ابتلاء عظيم...أب رحيم اشتاق إلى الولد فأعطاه الله الولد ثمّ يأتي الامتحان بأن يذبح ولده تنفيذا لأمر الله فاستجاب الخليل و تبعه الابن الحليم إسماعيل في الاستجابة لأمر الجليل بل يقول المفسّرون وإذا بإسماعيل يقول لأبيه: يا أبت إذا أردت ذبحي فقيّدني واجعل وجهي لأسفل حتى لا تنظر إليّ فيرقّ قلبك فلا تنفّذ أمر ربّك, وبدأ الخليل في تنفيذ الأمر فجاءه الشيطان يريد أن يثنيه عن عزمه فقال له الخليل إخسأ يا لعين و رجمه بالأحجار عند العقبة بمنى وقيل إنّ إبليس ذهب إلى هاجر يريد منها أن تؤثّر على الخليل فلا ينفّذ أمر الله فقالت له: إخسأ يا لعين و رجمته بالأحجار و من هنا أصبح رمي الجِمار من شعائر الحجّ تخليدًا لذكريات الإستجابة لأمر الله.
 وشحذ إبراهيم السكين ومرّرها على عنق إسماعيل ولكنّ العجيب أنّ السكين لا تقطع في عنق إسماعيل وجاء الفرج من عند الله الكريم وكان الفداء بعد أن نجح الخليل في الاختبار والابتلاء المبين قال تعالى:
"فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ, وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ, قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ, إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ, وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ"[الصافات 103 ـ 107].
 وكان الفداء إخوتاه بكبش كان يرعى في الجنّة فعندها كبّر الخليل ربّه وقال:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر,لا إله إلاّ الله, الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
فصار التكبير شعيرة في أعيادنا نكبِّر ربّنا تخليدًا لذكريات الإستجابة لأمر الله تعالى. وقام الخليل بذبح الأضحية فداء لإسماعيل وأصبحت الأضحية شعيرة في عيد الأضحى تخليدًا لذكريات التضحية والفداء.
و الآن وصلنا إلى ذكريات البناء والتشييد والتي سيكون لنا معها لقاء إن كتب لنا البقاء.
اللّهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا واجعلنا من عبادك الراشدين.
 
 
 
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أبو أحمد
سيد عبد العاطي بن محمد
إمام و خطيب الجمعية الإسلامية
إقليم السارلند ساربروكن ألمانيا