أخلاقنا في رمضان 1 ـ إنشراح الصدر بالصيام

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسر وأعن بفضلك يا كريم
 
أخلاقنا في رمضان 1
إنشراح الصدر بالصيام

الحمدلله جلَّ وعلا ذي الأسماء الحسنى والصفات العُلا وأصلي وأسلم على نبي الهُدى وعلى آله وصحبه ومن إهتدى
ثم أمَّا بعد :
فاعلم أخي ـ رحمك الله تعالى ـ أنَّ الصيام مدرسة ٌ إيمانية يتعلم فيها الصائم الأخلاق الكريمة السَّويَّة كيف لا وقد قال الله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (سورة البقرة آية 183)
ومن الأخلاق التي ينبغي أنّ يتحلى بها الصائمون والصائمات على مائدة رمضان "إنشراح الصدر بالصيام" فقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما خرَّّّجه الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة ـ رضي الله تعالى عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)   {البخاري 4/99 ومسلم :759}  
وفيما خرَّجه الشيخان - أيضاً – قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم - : "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه " {البخاري :4/217 ومسلم :759}

 

وبيَّن ربنا تعالى في كتابه الكريم أنَّ ليلة القدر خيرٌ من ألف شهر فقال تعالى : " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْر لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ " { سورة القدر:1-5}
قال الحافظ ابن حجر -  رحمه الله تعالى -  في شرح الأحاديث السابقة : " قوله : "إيمانا ً" أي : تصديقا ً بوعد الله بالثواب عليه ، وقوله "احتسابا ً " أي : طلبا ً للأجر لا لقصدٍ آخر من رياءٍ ونحوه" أ هـ .{ الفتح 4/99}
وقال العلامة ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في قوله "إيمانا ً واحتسابا ً " : يعني : إيمانا ً بالله ورضا ً بفرضيَّة الصوم عليه واحتسابا ً لثوابه وأجره ، لم يكن كارها ً لفرضه ولا شاكا ً في ثوابه وأجره فإنَّ الله يغفر له ما تقدم من ذنبه. { مجالس شهر رمضان   ص :14 }
ولهذا تجد الصائم عن إيمان واحتساب راضيا ً مطمئن النفس ، منشرح الصدر ، فرحا ً مسرورا ً بصيامه لأنه يحقق عبادة جليلة فيها التشبه بالملائكة المقربين ، شاكرا ً لربه الذي فسح له في عمره حتى بلَّغه رمضان .
 فقد كان سلف الأ ُمة ـ رحمهم الله ـ يقسمون العام إلى نصفيْن في النِّصف الأول من العام يدعون ربهم أن يُبلِّغهم رمضان فإذا جاءهم رمضان صاموا نهاره وقاموا ليله إيمانا ً واحتسابا ً فإذا ما أدبر رمضان في النصف الآخر من العام يدعون ربهم أن يتقبل منهم رمضان.
 فمن صام رمضان إيمانا ً واحتسابا ً نجده منشرح الصدر مطمئن النفس يتحلى بحسن الخلق وجميل القول فاللسان رطب بذكر الله والجوارح مقبلة على الطاعات بعيدة عن المعاصي والزلات في رضا ً وفرح وسرور وإنشراح في الصدور.
هذا وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
 
 
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أبو أحمد سيد عبد العاطي بن محمد الذهبي
إمام و خطيب الجمعية الإسلامية بالسارلند ساربروكن ألمانيا
غفر الله له و لوالديه و لزوجه و ولده و للمسلمين والمسلمات