الحجُّ أشهر معلومات 2

الحجُّ أشهر معلومات (2)

 

الحمد لله الذي شرع الشرائع وسنَّ الأحكام ، وفرض على العباد أركان الإسلام وجعل منها حج بيته الحرام وأشهد أن لا إله إلا الله الملك العلام وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وحجَّ وصام

صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه البررة الكرام .

أما بعد :

فمع الحلقة الثانية من حلقات رحلة الحجِّ المباركة وموضوع الحلقة آداب السفر والأنساك المشروعة في الحجِّ. فأقول وبالله التوفيق:

 

 أولا ً : آداب السفر للحج والعمرة :

إعلم أخي ـ أرشدك الله تعالى لما يحبه ويرضاه من الأقوال والأعمال وجميع الأحوال ـ أنه ينبغي على المسافر لأداء فريضة الحج أو لأداء العمرة أن يتحلى بالآداب الآتية في سفره:

1. التوبة النَّصوح من جميع الذنوب والمعاصي فإنه لا يدري أن يرجع أم لا وشروط التوبة هي:

 أ  ـ الندم على ما فعله من ذنوب. 

ب ـ العزم على عدم العودة إليها.

ج  ـ الإقلاع في الحال عن المعاصي.

هذه الشروط إذا كان الذنب بين العبد وربه ، وأمَّا إذا تعلقت الذنوب بحقوق العباد فيزاد على الشروط السابقة شرط وهو:

 د ـ رد حقوق العباد إليهم أو طلب السماح والعفو منهم.

فمنزلة العبد في الجنة تتحدد وفق منزلته من الخلق فإن حُمِّل بمظالم كثيرة للعباد يكون القصاص يوم القيامة بالحسنات والسيئات كما جاء في حديث (المفلس) وهو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ولكن يأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وقذف هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح به في النار أو كما أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعلى العبد أن يقوم برد حقوق العباد قبل الفوت و قبل الموت و يحقق التوبة النَّصوح قبل سفره لأداء الفريضة.

 

2. أن يتحرى الحج أو العمرة بالمال الحلال الطيب حتي يقبل الله تعالي منه فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ : "أيها الناسُ إن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال :"يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إني بما تعملون عليم " وقال :"يا أيها الذين ءآمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " ثم ذكر الرجل يُطيل السفرأشعث أغبريمد يديْه إلى السماء ياربِّ ياربِّ ومطعَمُهُ حرامٌ ومشربُهُ حرامٌ وملبَسُهُ حرامٌ وغُذِيَ بالحرامِ فأنَّى يستجابُ لذلك "  } رواه مسلم والترمذي وأحمد والدارمي {

ولله در القائل :

إذا حَجَجْتَ بمالٍ أصلُهُ سُحْت ٌ                     فما حَجَجْتَ ولكن حَجَّتِ العيرُ

ما يقبلُ اللهُ إلاّ كلَّ صَالِحَةٍ                           ما كُلُّ مَنْ حجَّ بيتَ اللهِ مَبرورُ


3. كتابة الوصية وماله وما عليه من حقوق الناس التي لا يوجد بها سندات أو وثائق تثبتها.

 

4. يجب أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله عزوجل والتقرب إليه سبحانه.

 

5. على الحاج والمعتمر التفقه في أحكام الحجّ والعمرة وأن يتعلم المناسك وفق سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أن عليه أن يتفقه في أحكام السفر قبل أن يسافر مثل : القصر والجمع وأحكام التيمم والمسح على الخفيْن.

 

6. يستحب له أن يوصي أهله بتقوى الله عزوجل وهي وصية الله للأولين والآخرين قال الله تعالى : " وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الذِيْنَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُم وَإيَّاكُمْ أنِّ اتَّقُوا الله " }  سورة النساء: 131 {

 

7. اختيار الرفقة الصالحة ويحرص كل الحرص أن يكون الرفقاء من طلبة العلم الشرعي ومن أهل العلم والدعاة حتى لا يقع في الأخطاء في حجته وعمرته.

 

8. يودع رفقاءه المقيمين وإخوانه وجيرانه فيودعهم ويتلمس أدعيتهم قائلاً : " أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك " } أخرجه أبوداود 2⁄493 والترمذي 2⁄155 وأحمد 2⁄7 }

فيرد عليه رفقاؤه قائلين : زودك اللهُ البروالتقوى في سفرك.

 

9. أن يتزود بالصبر في هذه الرحلة المباركة لأن المشقة فيها ظاهرة فعليه أن يحبس نفسه عن كل مخالفة ويتحلى بالصبر الجميل.

 

10. وإذا ركب السيارة أو الطائرة أو الباخرة أن يكثر من الدعاء والذكر والإستغفار والتسبيح والتهليل ويحفظ لسانه من القيل والقال ويقول دعاء السفر عندما تتحرك به الدابة ـ وهي وسيلة النقل السيارة أو الطائرة ...إلخ ـ فيقول : " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون " { سورة الزخرف :14 }

ثم يقول : " اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هَوِّن علينا سفرنا هذا واطْوِ عنَّا بعده ،اللهم  أنت الصاحب في السفر والخليفة ُ في الأهل ، اللهمَ إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل " و إذا رجع من سفره قالهنّ وزاد فيهنّ : آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون "  { رواه مسلم 2⁄989 }

 

ثانيًا : أنواع الأنساك في الحج :

اعلم أخي ـ رحمك الله تعالى ـ أنَّ أنواع النسك في الحج ثلاثة هي:

 

1. التَّمتُع :

وهو أن يحرم بالعمرة وحدها من الميقات في أشهر الحج قائلا ً: عند نية الدخول في الإحرام: " لبيك عُمرة " فإذا وصل مكة بدأ بالطواف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام وشرب من زمزم وسعى بين الصفا والمروة ثم حلق أو قصّر ثم قد حلّ له كل شئ حرم عليه للإحرام ، فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة . أحرم بالحج وحده من مكان بمكة وأتى بجميع أعمال الحجّ ( وعليه الهدي ـ ذبح شاة ).

 

2. القِرَان :

وهو أن يحرم بالعمرة والحجّ جميعاً في أشهر الحجّ من الميقات قائلا ً : " لبيك عمرة وحجاً " فإذا وصل مكة يطوف طواف القدوم ويسعى سعي الحج.

وإن شاء أخَّرَ سعي الحجِّ بعد طواف الإفاضة ولا يحلق ولا يقصر ولا يحل إحرامه بل يبقى على إحرامه حتى يحل منه بعد التحليل يوم العيد (وعليه الهدي ـ ذبح شاة).

 

3. الإفراد :

وهو أن يحرم بالحج فقط من الميقات في أشهر الحج قائلا ً :" لبيك حجاً " (وليس عليه هدي)

قال ابن قدامة : أجمع أهل العلم على جواز الإحرام بأي الأنساك الثلاثة شاء. { المغني لابن قدامة 5 ⁄ 82}

لقول أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ : " خرجنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فمِنَّا من أهلَّ بعمرة ومنَّا من أهلَّ بحج وعمرة ومنّا من أهلّ بحج " {البخاري 3⁄421 الفتح }

وأفضل أنواع النسك التَّمتُّع لأنه كان أمنية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : " لو أنيِّ استقبلتُ من أمرِي ما استدبرتُ لم أسُق الهّدْيَ ولجعلتُها عُمرة فمن كان منكم لَيس مَعَهُ هدْيٌ فليحِلَّ وليجْعَلْها عُمرة ً " {رواه مسلم }

هذا و إن قدرالبقاء وكان اللقاء نواصل مع رحلة الحج المباركة.

اللهم إنا نسألك من كل خير أحاط به علمك في الدنيا والآخرة ونعوذ بك من كل شرٍّ أحاط به علمك في الدنيا والآخرة. اللهم آمين.

                     

كتبه

أبو أحمد سيد عبد العاطي بن محمد الذهبي

غفر الله له ولوالديّه ولزوجه ولولده وللمسلمين والمسلمات