- التفاصيل
-
كتب بواسطة: admin
-
المجموعة: ملف الحج
ذكريات الحجّ 3
البناء و التشييد
الحمد لله و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنّ محمدا رسول الله.
ثمّ أمّا بعد,
اعلم أخي رعاك الله أنه بعد اجتياز الخليل الاختبار الشديد بذبح ولده إسماعيل و كان الفداء بذِبح عظيم , مرت الأيام و ترعرع إسماعيل بين قبيلة جُرهم التي ساقها الله تعالى إلى أرض الحجاز و تعلّم اللغة العربية منهم و تزوّج امرأة منهم و جاء الخليل يوما لزيارة ولده إسماعيل فطرق باب فخرجت له الزوجة فسألها أين إسماعيل؟ قالت: هو في الخارج. قال: من أنت يا ابنتي؟ قالت: أنا زوجته. قال: كيف حالكما؟ فاشتكت الضّيق و الشدّة في العيش و أخرجت سرّ بيتها, فقال لها الخليل: يا ابنتي إذا عاد إسماعيل فقولي له يقول لك الشّيخ الكبير غيِّر عتبة بابك. فلمّا عاد إسماعيل حكت له ما حدث فقال لها: هذا أبي إبراهيم عليه السّلام يأمرني بفراقك فأنت بئس الزوجة, الحقي بأهلك, و فارقها. ثمّ تزوّج بامرأة صالحة و مرّت الأيّام و عاد الخليل لزيارة ولده فطرق بابه فخرجت الزوجة فسألها: أين إسماعيل؟ قالت: في الخارج قال: من أنت؟ قالت: أنا زوجته. قال لها: كيف حالكما؟ قالت: نعم الحال, نعيش في نعمة و خير, فقال لها: يا ابنتي ما طعامكما؟ قالت: الثريد و التّمر. قال: بارك الله لكما في الثّريد و التّمر ثمّ قال لها: يا ابنتي إذا عاد إسماعيل فقولي له, يقول لك الشّيخ الكبير ثبّت عتبة بابك. فلمّا عاد إسماعيل و حكت له ما حدث قال: إنّه أبي إبراهيم عليه السّلام يأمرني بالتّمسّك بك فأنت نعم الزوجة.
و مرّت الأيّام و عاد الخليل بأمر جديد من الله تعالى, إنّه أمر بالبناء و التّشييد للبيت الحرام فذهب الخليل إلى ولده إسماعيل ليشاركه في البناء و بدأ عملية البناء.
كان إسماعيل يحمل الأحجار و يأتي بها إلى الخليل ليرفع القواعد من البيت، يقول الله تعالى:
" وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" [البقرة 127 ـ 128]
و عندما رفع إبراهيم القواعد قدر ما تصل يده طلب من إسماعيل أن يأتي بحجر كبير ووقف فوقه ليُكمل البناء، قيل إنّ الحجر لان تحت قدميه ليثبت فوقه و قيل إنّ إبراهيم هو الذي حفر لقدميه موضعا فوق الحجر ليتمكن من الثّبات فوقه ليُكمل البناء و هذا الحجر المعروف بمقام إبراهيم، لذا أصبح من شعائر الحجّ و العمرة صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، قال الله تعالى: " وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى" [البقرة 125]
و لمّا أتمّ إبراهيم البناء جاء الأمر من الله أن يُؤذّن في النّاس بالحجّ فقال إبراهيم: يا رب فيمن أُؤذّن و من يسمع صوتي؟ فقال الله: يا إبراهيم عليك الآذان و علينا البلاغ. و أذّن الخليل و بلّغ الله النداء للعالمين. ففي كلّ عام تشتاق النّفوس لهذه الفريضة العظيمة، فريضة الحجّ. كانت هذه ذكريات هذه الفريضة العظيمة.
و بعد فقد عشنا مع ذكريات الحجّ و التي بدأت بالشوق و الحنين و مرّت بالتّضحية و الفداء و انتهت بالبناء و التّشييد... و الحجّ ركن ركين من أركان الإسلام فيه مغفرة للذنوب.
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النّبي-صلى الله عليه و سلّم- قال:" من حجَّ لله فلم يرفُثْ و لم يفسُق رجَعَ كيومِ ولدتْه أمُّه" [رواه البخاري و مسلم]
و الحجّ المبرور ليس له جزاء إلاّ الجنّة.
فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- أيضا أنّ رسول الله-صلى الله عليه و سلّم- قال: " العمرة إلى العمرة كفّارة لما بينهما و الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلاّ الجنّة" [رواه البخاري و مسلم]
فاللّهم اكتب لنا حجّة قبل الممات و اغفر لنا و ارحمنا و اجعلنا من عبادك الرّاشدين اللّهم آمين.
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أبو أحمد
سيد عبد العاطي بن محمد
إمام و خطيب الجمعية الإسلامية
إقليم السارلند ساربروكن ألمانيا
|
- التفاصيل
-
نشر بتاريخ: الثلاثاء، 21 أيلول/سبتمبر 2010 19:22
-
الزيارات: 5109