الدّينُ النَّصيحَة

الدّينُ النَّصيحَة
 
الحمد لله ربّ العالمين، قيُّوم السّموات و الأرضين، مُدبّر الخلائق أجمعين، باعث الرسل صلواته و سلامه عليهم إلى المكلّفين لهدايتهم و بيان شرائع الدّين بالدلائل القطعيّة و واضحات البراهين، أحمده على نعمه و أسأله المزيد من فضله و كرمه.
و أشهد أن لا إله إلاّ الله الواحد القهّار، الكريم الغفّار، و أشهد أنّ سيّدنا محمدًا عبدُه و رسوله و صفيّه من خلقه و خليله، أفضل المخلوقين المُكرّم بالقرآن العزيز المعجزة المستمرّة على تعاقب السّنين، و بالسنّة المستنيرة لأصحاب العقول المتدبّرين، المخصوص بجوامع الكلِم و سماحة الدّين صلوت الله و سلامه عليه و على سائر النّبيّين و المُرسلين.
أمّا بعد،
فاعلم أخي ­رعاك الله­ أنّ عماد دين الإسلام و قوامه النّصيحة فقد خرّج الإمام مسلم ­رحمه الله تعالى­ من حديث أبي رُقيَّةَ تميم بن أوسٍ الدّاري ­رضي الله عنه­ أنّ النّبي ­صلّى الله عليه و سلّم­ قال:« الدِّينُ النَّصيحةُ قُلْنا: لمن؟ قالَ: لله و لكتابهِ و لرسُولهِ و لأئمّة المسلمين و عامتهم»[أخرجه مسلم في الصحيح( 1\74 )كتاب الإيمان (1) باب بيان أنّ الدّين النّصيحة (23) الحديث 95\55].
قال الخطابي ­رحمه الله­: النّصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظّ للمنصوح له. و قيل: النّصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبّهوا فعل النّاصح فيما يتحرّاه من صلاح المنصوح له بما يسد من خلل الثّوب. و قيل: إنّها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفّيته من الشّمع، شبّهوا تخليص القول من الغشّ بتخليص العسل من الخلط.
و معنى قول النّبي­ صلّى الله عليه و سلّم­:« الدّينُ النّصيحةُ » أي عماد الدّين و قوامه النّصيحة كقوله­ صلّى الله عليه و سلّم­:« الحجّ عرفة» أي عماده و معظمه.
 
أنواع النّصيحة
 
و أمّا عن تفسير النّصيحة و أنواعها فقال الخطابي و غيره من العلماء
 
1­ النّصيحة لله:
  معناها منصرف إلى الإيمان به و نفي الشّرك عنه، و ترك الإلحاد في أسمائه و صفاته، و وصفه بصفات الكمال و الجلال كلّها و تنزيهه عن جميع النّقائص و القيام بطاعته و اجتناب معصيته، و الحُبّ فيه و البُغض فيه، و جهاد من كفر به و الاعتراف بنعمته، و الشّكر عليها و الإخلاص في جميع الأمور و الدعاء إلى جميع الأوصاف المذكورة و الحثّ عليها و التّلطف بالنّاس.
قال الخطابي: و حقيقة هذه الأوصاف راجعة إلى العبد في نصحه نفسه فإنّ الله سبحانه غنيّ عن نُصح النّاصح.
عن أبي ثمامة صاحب علي ­رضي الله عنه­ قال: قال الحواريّون لعيسى ­عليه السّلام­: يا رُوح الله مَنْ النّاصح لله؟ قال: الذي يُقدّم حقَّ الله على حقّ النّاس.
 
2 ­النّصيحة لكتابه سبحانه و تعالى:
  فبالإيمان بأنّ كلام الله و تنزيله لا يُشبهه شئ من كلام النّاس و لا يقدر على مثله أحد من الخلق ثمّ تعظيمه و تلاوته حقّ تلاوته و تحسينها و الخشوع عندها، و إقامة حروفه في التّلاوة، و الذَّبُّ عنه لتأويل المحرّفين، و التّصديق بما فيه و الوقوف مع أحكامه، و تفهم علومه و أمثاله، و الاعتبار بمواضعه و التّفكر في عجائبه، و العمل بمُحكمه و التّسليم لمُتشابهه، و البحث عن عمومه، و الدعاء إليه و إلى ما ذكرنا من نصيحته و أنّه يجب التّحاكم إليه في جميع شؤوننا.
 
3 ­النّصيحة للرسول­ صلّى الله عليه و سلّم­:
   فتصديقه على الرسالة و الإيمان بجميع ما جاء به، و طاعته في أمره و نهيه و نُصرته حيًّا و ميّتًا و معاداة مَن عاداه و مُوالاة مَن والاه، و إعظام حقّه و توقيره و إحياء طريقته و سنّته و نفي التُّهمة عنها و استئثار علومها، و التّفقه في معانيها و الدعاء إليها و التّلطف في تعليمها و إعظامها و إجلالها، و التّأدب عند قراءتها و الإمساك عن الكلام فيها بغير علم و إجلال أهلها لانتسابهم إليها و التّخلّق بأخلاقه و التأدّب بآدابه و محبّة أهل بيته و أصحابه و مُجانبة مَن ابتدع في سُنّته أو تعرّض لأحد من أصحابه و أن تُقدّم محبّة النّبي صلّى الله عليه و سلّم على محبّة الأهل و الولد و المال و النّفس التي بين الجنْبَين و نحوذلك.
 
4­ النّصيحة لأئمة المسلمين:
 فمعاونتهم على الحقّ و طاعتهم فيما أمروا به من معروف و تنبيههم و تذكيرهم برفق و لطف و إعلامهم بما غفلوا عنه و تبليغهم من حقوق المسلمين و ترك الخروج عليها بالسّيف، و تأليف قلوب النّاس لطاعتهم و الصلاة خلفهم و الجهاد معهم و الدعاء لهم بالصلاح و التّلطف في نُصحهم سرًّا و عدم المُجاهرة بالنكير عليهم لأنّ فتنة ذلك شديدة.
و الدليل على نُصح ولاة الأمور سرًّا و عدم المُجاهرة ما جاء عن رسول الله ­صلّى الله عليه و سلّم­ قال:« مَن أراد أن ينصح لسلطان بأمر فلا يبد له علانيّةً و لكن ليأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك و إلاّ كان قد أدّى الذي عليه له»[أخرجه الإمام أحمد و ابن أبي عاصم في السنّة و غيرهما و صحّحه الشّيخ الألباني رحمه الله في ظلال الجنّة في تخريج السنّة 2\508].
و مما يدل ­أيضا­ على إخفاء النّصيحة للسلطان و المنع من إعلان الإنكار عليه ما أخرجه الإمام أحمد في «المسند» عن سعيد بن جهمان قال أتيتُ عبد الله بن أبي أوفى و هو محجوب البصرة فسلّمتُ عليه، قال لي: مَنْ أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جهمان قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة قال: لعن الله الأزارقة ، لعن الله الأزارقة حدّثنا رسول الله­ صلّى الله عليه و سلّم­ أنّهم كلاب النّار. قال قلت الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلّها؟ قال: بلى الخوارج كلّها. قال: قلت: فإنّ السلطان يظلم النّاس و يفعل بهم. قال: فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثمّ قال: ويحك يا ابن جهمان ، عليك بالسواد الأعظم عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم، فإن قبل منك و إلاّ فدعه فإنّك لست بأعلم منه».[ و قد أخرج جزء منه ابن أبي عاصم في السنّة و حسّنه الشيخ الألباني رحمه الله في ظلال الجنّة 424\2].
و مما يدل على ذلك­ أيضا­ ما أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد ­رضي الله عنهما­ أنّه قيل له ألا تدخل على عثمان لتكلّمه فقال: أترون أنّي لا أكلمه إلاّ أسمعكم و الله لقد كلّمته فيما بيني و بينه ما دون أن أفتح أمرًا لا أحب أن أكون أوّل مَن فتحه».
قال القاضي عياض ­رحمه الله­ كما في فتح الباري 57\13 :مُراد أسامة أنّه لا يفتح باب المُجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك بل يتلطّف به و ينصحه سرًّا فذلك أجدر بالقبول».
 
5 ­النّصيحة لعامّة المسلمين:
  و هم من عدا ولاة الأمر فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم و دنياهم و إعانتهم عليها و ستر عوراتهم و سدّ خلاّتهم و دفع المضار عنهم و جلب المنافع لهم و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المُنكر برفق و إخلاص، و الشّفقة عليهم و توقير كبيرهم و رحمة صغيرهم و تخوّلهم بالموعظة الحسنة، و ترك غشّهم و حسدهم و أن يُحب لهم ما يحب لنفسه من الخير و يكره لهم ما يكره لنفسه من الشرّ و الذبُّ عن أموالهم و أعراضهم و غير ذلك من أحوالهم بالقول و الفعل و حثّهم على التّخلّق بجميع ما ذكرناه من أنواع النّصيحة.
 
 
النّصيحة منهج الأنبياء و المرسلين عليهم الصلاة السّلام
 
 فالنّصيحة هي منهج الأنبياء و المرسلين عليهم جميعًا أفضل الصلاة و أزكى التّسليم، فهذا نبيّ الله نوح ­عليه السّلام­ يقول لقومه كما يحكي القرآن الكريم:
      ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
                                                                                                   [الأعراف 62]
و كذلك قال نبيّ الله هود ­عليه السّلام­ لقومه كما يحكي القرآن الكريم:
           ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ
                                                                                  [ الأعراف 68]
و كذلك قال نبيّ الله صالح ­عليه السّلام­ لثمود كما يحكي القرآن الكريم:
 ﴿ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ
                                                                                               [ الأعراف 79]
و عن خاتم الأنبياء و المرسلين محمد ­صلّى الله عليه و سلّم­ يقول الربُّ الجليل:
 ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ
                                                                                              [ التوبة 128]
 
 
آداب النّصيحة
 
 من أخلاق المسلم أنّه يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه لقول النبيّ ­صلّى الله عليه و سلّم­:« لاَ يُؤمنُ أحَدكمْ حتّى يُحبّ لأخيهِ ما يُحبُّ لنفْسه» [أخرجه البخاري في الإيمان (13 ) و مسلم في الإيمان (45 ) من حديث أنس رضي الله عنه].
و القيام بواجب النّصيحة من أسباب الفلاح في الدّين و الدنيا معًا لقوله تعالى:
 ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
                                                                                             [ آل عمران 104]
و لقوله تعالى:
 ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر
                                                                                             [ العصر 1­ 3]
فمقتضى المحبّة الإيمانيّة و الأخوّة الإسلاميّة أن تبذل النّصيحة لأخيك إنقاذًا لنفسك و لأخيك من عذاب الله و أخذًا بيد أخيك لما فيه صلاح دينه و دنياه.
و هذه النّصيحة لها ضوابط و آداب لتكون مؤثّرة تؤدي الغرض منها و يُؤجر عليها النّاصح، و من هذه الآداب:
 
* أولاً: الإخلاص في النّصح بأن تبتغي وجه ربّك عزّ و جلّ فهي نابعة من قلب صادق لا يريد سمعة و لا رياءً و لكنّه يُحبّ الخير و يسعى له.
 
* ثانيًا: أن يكون النّاصح لأخيه عالمًا بما ينصح فكم من متصوّر للخطأ أنّه صواب و للصّواب أنّه خطأ، فيدعو إلى غير هدى و ينصح بلا علم فيجب على النّاصح أن يعلم الخطأ على حقيقته، و تحاول أن تخلّص أخاك من تلك التّهلكة و لا تنصح وفق الظنّ فلابدّ من تثبّت و تبيّن حتّى تكون النّصيحة في محلّها، و إن وجدت في كلام أخيك محملاً في الخير فاحمله عليه و لا تسئ الظنّ به.
 يقول الفاروق عمر بن الخطاب ­رضي الله عنه­:« و لا تظنّ بكلمة خرجت من أخيك المسلم إلاّ خيرًا و أنت تجد لها في الخير محملاً»[رواه الإمام أحمد في الزهد، كما في الدرّ المنثور 565\7]
و قالت بنت عبد الله بن مطيع لزوجها طلحة بن عبد الرحمان بن عوف ­رضي الله عنهم­ و كان طلحة أجود قريش في زمانه قالت ما رأيتُ قومًا ألأم من إخوانك. قال لها: مه مه! و لم ذلك قالت: أراهم إذا أيسرتَ لزموك و إذا أعسرت تركوك فقال لها: هذا و الله من كرم أخلاقهم، يأتوننا في حال قدرتنا على إكرامهم و يتركوننا في حال عجزنا عن القيام بحقّهم»  [الماوردي أدب الدنيا و الدّين: 222]
فانظر أخي ­رحمني الله­ و إيّاك كيف تأوّل طلحة صنيع إخوانه معه و هو ظاهر القبح و الغدر بأن اعتبره وفاء و كرما!
 
* ثالثًا: أن تكون النّصيحة بعيدة عن التّوبيخ و التّشهير و الشّماتة بالمُخالف و أمثال هؤلاء لا توفيق لهم، الذين يريدون النيل و الشّماتة و الفرح بعيوب الأخرين و لهذا يُروى مَنْ عيَّر أخاه بذنب لم يمت حتّى يفعله»  [يُروى مرفوعًا: أخرجه الترمذي في الزهد (2505 ) من طريق خالد بن معدان عن معاذ بن جبل و قال: هذا حديث غريب و ليس اسناده بمتّصل و لذا أورده ابن الجوزي في الموضوعات و حكم عليه الشّيخ الألباني ­رحمه الله­ أيضًا بالوضع في السلسلة الضّعيفة (178)].
و يُروى في الأثر لا تُظهر الشّماتة بأخيك فيُعافيه الله و يبتليك» [ يُروى مرفوعًا: أخرجه الترمذي في" الزهد"(2506 ) و الطبراني في الأوسط( 3739 ) و القضاعي في مسند الشهاب ( 917 ) من طريق مكحول عن واثلة ابن الاسقع ­رضي الله عنه­ و قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، و حكم عليه ابن الجوزي و القزويني بالوضع و ضعّفه الشّيخ الالباني ­رحمه الله­ في ضعيف الجامع( 6245)]
 فقد كان رسول الله­ صلّى الله عليه و سلّم­ يفضّل الأسلوب غير المباشر في النّصح فيقول: ما بال أقوام يفعلون كذا و كذا.
فعن أنس بن مالك ­رضي الله عنه­ قال: قال النّبي­ صلّى الله عليه و سلّم­:« ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السّماء في صلاتهم فاشتدّ قوله في ذلك حتّى قال: لينتهُنّ عن ذلك أو لتخطفنّ أبصارهُم»[ أخرجه البخاري و النّسائي و أبو داوود و ابن ماجة].
و لله درّ الإمام الشّافعي حين قال:
 
تعمّدني بنُصحك في انفرادي                      و جنّبني النّصيحة في الجماعة
فإنّ النّصح بين النّاس نوع                        من التّوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني و عصيت أمري                     فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
 
و قال ­رحمه الله­:
«مَن وعظ أخاه سرًّا فقد نصحه و زانه و مَن وعظه علانية فقد فضحه و شانه» [الإحياء 2\182].
و قال يحيى بن معين ­رحمه الله­:« ما رأيت على رجل خطأ إلاّ سترته و أحببت أن أزين أمره و ما استقبلت رجلاً في وجهه بما يكرهه و لكن أبيّن له خطأه فيما بيني و بينه فإن قبل ذلك و إلاّ تركته»  [سير أعلام النبلاء 83\11].
و قال حماد بن سلمة: إنّ صلة بن أشيم ­رحمه الله­ مرَّ عليه رجل قد أسبل إزاره فهمَّ أصحابُه أن يأخذوه بشدّة فقال دعوني أنا أكفيكم. فقال: يا ابن أخي إنّ لي إليك حاجة قال: و ما حاجتك يا عمّ؟ قال: أحبّ أن ترفع من إزارك فقال: نعم و كرامة فرفع إزاره. فقال لأصحابه لو أخذتموه بشدّة لقال: لا و كرامة و سبّكم»[الإحياء 335\2].
كلّ ما سبق يُستثنى منه أهل البدع الذين جاهروا بالبدع و الفسق و لم يُؤثّر فيهم النّصح فهؤلاء يُجرحوا حتّى يَحذَرهم النّاس و لا يقعوا في شرّهم و يكون التّجريح على قدر الحاجة و بعد تثبّت و الله أعلم.
 و في الختام اعلم أخي ­رعاك الله­ أنّ النّصيحة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط عن غيره و هي لازمة على قدر الطاقة و أنّ في ترك النّصيحة التّعرض للعقاب و العذاب من الله عزّ و جلّ لقول النّبي ­صلّى الله عليه و سلّم­:« و الذي نفسُ محمد بيده لتأمرنّ بالمعروف و لتنهوُنّ عن المُنكر أو ليُوشكنّ الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده ثمّ لتدعُنّه فلا يستجيب لكم»[رواه الإمام أحمد].
و لقول أبي بكر الصديق ­رضي الله عنه­:« يا أيّها النّاس إنّكم تقرؤون هذه الآية و تتأولونها على غير تأويلها يا أيُّهَا الذين آمَنُوا عَلَيْكُم أنفُسكُمْ لا يضرُّكمْ مَن ضلَّ إذا اهتَدَيْتُم» و إنّي سمعت رسول الله ­صلّى الله عليه و سلّم­ يقول إنّ النّاس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديْه أوشك أن يعمّهم الله بعقاب»[رواه أصحاب السنن و قال الترمذي حديث حسن صحيح].
 
 
 هذا و الله الموفّق
 
 
 
 
كتبه الفقير إلى عفو ربه
أبو أحمد
سيد عبد العاطي بن محمد
غفر الله له و لوالديه و لزوجه و ولده و للمسلمين اللهم آمين